الفتاة ذلك المخلوق الحساس والمظلوم في مجتمعنا والتي يقع عليها الضغط الكبير من قبل الأسرة والمجتمع، فإن خرجت من البيت تتجه إليها كل العيون وتبدأ الإشارة إليها والغمز والهمس «لوين رايحة» وإن تأخرت في المجيء الى البيت كذلك الأمر «وين كانت» فالفتاة كل العيون تبقى عليها «على وين راحت وإيمتى إجت وفعلت كذا والى ما هنالك.. وإن مرضت مصيبة ولماذا مصيبة ستعلمون بعدما نقوم بتعداد الأمراض التي يمكن ان تتعرض لها والتي لم تعد خافية على أحد:
فمثلاً الفتاة معرضة لأن تحدث معها أمراض كثيرة: كأن يحدث معها «كيس مي» على الرحم. أو كتلة، أو هبوط في الرحم، أو التهابات بولية، أو أي خلل في الجهاز التناسلي، أو ورم في احد المبيضين، أو اختلال في عمل وإفراز غدة الكظر وأحياناً ونتيجة لفقر الدم التي تصاب به أغلب الفتيات والنساء كما الأمراض التي عددناها قد يحدث نتيجة لفقر الدم تأخير أو تقديم بموعد قدوم الدورة الشهرية وكثيراً ما تحدث إثر ذلك نزوفات حادة ونتيجة لمرض ما لا قدر الله كسرطان في الرحم والى ما هنالك هنا تكمن المصيبة إذ عندها يتعذر على الفتاة في مثل تلك الحالات الذهاب لطبيب نسائي أو حتى طبيبة نسائية لإجراء الفحوصات الضرورية والتحاليل اللازمة وكثيراً ما تتطور الأمور وتتعقد لديها وتشرف على الموت أو تصل الى مراحل خطيرة وكل ذلك بسبب نظرة المجتمع وضغطه عليها، والقيود التي يفرضها حولها ويكبلها بها.
فإن دخلت الفتاة الى طبيب نسائي لا يتركها المجتمع بحالها وتصبح حديث الصغير والكبير وتصبح سيرتها على كل لسان، لماذا دخلت الى الطبيب النسائي «إي أكيد كذا.،. أو كذا.. لأ يمكن كذا» وكثيرة هي الحكايا التي تثار حولها لذلك كثيراً ما تصل حالة بعضهن الى مرحلة الخطر ويرفضن الذهاب الى الطبيب فقط لأجل المجتمع ونظرته اليها والألسن التي لن تتركها بحالها، فالمجتمع إن لم يجد ما يتحدث عنه اخترع الأكاذيب والاشاعات.. هكذا هو المجتمع والفتاة في مجتمعنا ونظرة المجتمع إليها منذ الأزل وحتى الآن.
الفتاة بين فكي المجتمع من جهة والمرض من جهة أخرى فأما أن تستسلم للمرض وتسلم له نفسها وتجازف بحياتها كي تهرب من نظرات المجتمع أو تراجع عيادة الطبيب النسائي غير آبهة للمجتمع وأنا مع الخيار الثاني.. ولكن عزيزي القارئ.. عزيزتي القارئة إذا رأيت أو رأيت فتاة تدخل الى عيادة طبيب نسائي، ألا تثير لديك أو لديك الأسئلة؟؟ وأولى الأسئلة «لماذا»؟! صدقوني تلك هي الحقيقة وهذا هو الواقع المرير الذي تعيشه الفتاة وهذا هو مجتمعنا المريض وبكل عقده.
بقي أخيراً أن نقول انه يجب على الفتاة ألا تستسلم للمجتمع وتهمل نفسها فمعالجة أي مرض في البداية يكون أسهل والاهمال في ذلك يؤدي الى تعقيدات كثيرة وخطيرة وإرضاء الناس غاية لا تدرك. ولا أحد يمكنه من أن يوقف ألسنة الناس عن الكلام. وتبقى الفتاة في عين المجتمع كيفما تحركت ومتى جاءت ومتى ذهبت وكيفما نظرت وتبقى الأكثر عرضة للإشاعات بسبب أو دون سبب الى أن تتزوج فترتاح من المجتمع قليلاً ويبحث هو عن فتاة أخرى يتسلى بها وكم من فتاة ذهبت ضحية المجتمع.