بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يلعب الوالدان الدور الاكبر في تربية الاطفال ، فالمسؤولية تقع على
عاتقهما أولاً وقبل كلّ شيء ، فهما اللذان يحدّدان شخصية الطفل المستقبلية
، وتلعب المدرسة والمحيط الاجتماعي دوراً ثانوياً في التربية.
والطفل اذا لم يتمرّن على طاعة الوالدين فانه لا يتقبل ما يصدر منهما من
نصائح وارشادات وأوامر إصلاحية وتربوية ، فيخلق لنفسه ولهما وللمجتمع
مشاكل عديدة ، فيكون متمرداً على جميع القيم وعلى جميع القوانين والعادات
والتقاليد الموضوعة من قبل الدولة ومن قبل المجتمع .
قال الاِمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام : «جرأة الولد على والده في صغره ، تدعو إلى العقوق في كبره» (1).
وقال الاِمام محمد بن علي الباقر عليه السلام : «... شرّ الابناء من دعاه التقصير إلى العقوق» (2).
وتربية الطفل على طاعة الوالدين تتطلب جهداً متواصلاً منهما على تمرينه
على ذلك ؛ لاَنّ الطفل في هذه المرحلة يروم إلى بناء ذاته وإلى
الاستقلالية الذاتية ، فيحتاج إلى جهد اضافي من قبل الوالدين ، وأفضل
الوسائل في التمرين على الطاعة هو إشعاره بالحبّ والحنان ، يقول
الدكتور يسري عبدالمحسن : (أهم العوامل التي تساعد الطفل على الطاعة.. الحب والحنان الذي يشعر به الطفل من كلِّ افراد الاسرة) (1).
ومن الوسائل التي تجعله مطيعاً هي اشباع حاجاته الاساسية وهي (الامن ، والمحبة ، والتقدير ، والحرية ، والحاجة إلى سلطة ضاغطة) (2).
ويرى الدكتور فاخر عاقل هذه الحاجات بالشكل التالي (الحاجة إلى توكيد
الذات ، أو المكانة ، ان يعترف به وبمكانته ، وان ينتبه إليه.. والحاجة
إلى الاَمان والحاجة إلى المحبة والحاجة إلى الاستقلال) (3).
فإذا شعر الطفل بالحب والحنان والتقدير من قبل والديه ، فانه يحاول المحافظة على ذلك بإرضاء والديه وأهم مصاديق الارضاء هو طاعتهما .
فالوالدان هما الاساس في تربية الطفل على الطاعة ، قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم : «رحم الله والدين أعانا ولدهما على برّهما» (4) واسلوب
الاعانة كما حددّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «رحم الله عبداً
أعان ولده على برّه بالاحسان إليه ، والتألف له ، وتعليمه وتأديبه» (5).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «رحم الله من أعان ولده على برّه ، وهو أن يعفو عن سيئته، ويدعو له فيما بينه وبين الله» (6).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : «رحم الله من أعان ولده على برّه... يقبل
ميسوره ، ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به...» (1).
وحبّ الاطفال للوالدين ردّ فعل لحبّ الوالدين لهما (2).
فإذا كان الحبُّ هو السائد في العلاقة بين الطفل ووالديه ، فإنّ الطاعة
لهما ستكون متحققة الوقوع ، وعلى الوالدين أنْ يُصدرا الاوامر برفق ولين
بصورة نصح وإرشاد فان الطفل سيستجيب لهما ، أمّا استخدام التأنيب والتعنيف
فإنه سيؤدي إلى نتائج عكسية ، ولذا أكدّ علماء النفس والتربية على التقليل
من التعنيف كما جاء في قول أنور الجندي : (يقتصد في التعنيف عند وقوع
الذنب ، لانّ كثرة العقاب تهون عليه سماع الملامة وتخفّف وقع الكلام في
نفسه) (3).
وإطاعة الاوامر لا يجد فيها الطفل الذي حصل على المحبة والتقدير أية غضاضة
على حبه للاستقلال ، وبالمحبة التي يشعرها تتعمق في نفسه القابلية على
تقليد سلوك من يحبّهم وهما الوالدين ، فينعكس سلوكهما عليه ، ويستجيب لهما
، فإنه اذا عومل كإنسان ناضج وله مكانة فانه يستريح إلى ذلك ويتصرّف بنضج
وبصورة لا تسيء إلى والديه ، فيتمرّن على الطاعة لوالديه ، ومن ثم الطاعة
لجميع القيم التي يتلقاها من والديه أو من المدرسة أو من المجتمع .